中文  English
الصفحة الأولى > معلومات عن السفير > أخبار السفير
تذكُّر التاريخ لاكتشاف المستقبل
2015-09-02 23:33

لي تشنغ ون سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة

يصادف العام الجاري الذكرى ال 70 لانتصار حرب الشعب الصيني ضد العدوان الياباني، والحرب العالمية ضد الفاشية، وتأسيس الأمم المتحدة، ما يحمل أهمية خاصة لكل العالم.. وبهذه المناسبة أقامت دول عدة أنشطة تذكارية بمختلف الأشكال على التوالي، وبدورها عقدت الصين سلسلة من الفعاليات التذكارية كان منها عرض عسكري أقيم يوم 3 سبتمبر الجاري.

إحياء الذكرى هو من أجل تذكُّر التاريخ.. قبل أكثر من 70 عاماً شنَّت القوى الفاشية الحرب العالمية الثانية لتقسيم العالم، وكان لهيب الحرب ينتشر في آسيا وأوروبا وإفريقيا وأوقيانوسيا، واجتاح نحو ملياري نسمة في أكثر من 80 دولة ومنطقة. ورداً على ذلك ثارت جميع البلدان والشعوب المحبة للسلام وتضامنت لتشكيل جبهة دولية موحدة لمقاومة الفاشية، وكُتب لها النصر في نهاية المطاف بعد معارك دامية. وتعدُّ حرب الشعب الصيني ضد العدوان الياباني جزءاً مهماً من الحرب العالمية ضد الفاشية.

إن الأمة الصينية أمة عظيمة ذات تاريخ حضاري ممتد لأكثر من 5000 سنة، لكن بعد دخول العصر الحديث، وبسبب الحكم الإقطاعي الفاسد والغزو من قبل القوى الأجنبية الكبرى؛ أصبحت الصين في مجتمع شبه مستعمر وشبه إقطاعي خطوة تلو الأخرى، وعلى وجه الخصوص، فإن الغزو الياباني الوحشي أوقع الصين في أزمة من القهر القومي والإبادة الجماعية، وفي عام 1931 خاض الشعب الصيني الحرب ضد الفاشية العالمية التي استمرت 14 سنة حتى تم طرد الغزاة اليابانيين من الصين أخيراً.

إن حرب المقاومة في الصين كانت أبكر اندلاعاً وأطول زمناً وأكثر ضحايا من الحرب العالمية ضد الفاشية، الأمر الذي أسهم في النضال العالمي إسهاماً متميزاً لا يمحى. والجدير بالذكر أن النشيد الوطني الصيني ولد في تلك الحرب العظمى ضد العدوان الياباني.

إحياء الذكرى هو من أجل الحرص على السلام.. الحرب العالمية الثانية كانت فصلاً مظلماً في التاريخ البشري، ما سبَّب كارثة غير مسبوقة على الحضارة الإنسانية، ودفع الشعوب في مناطق آسيا وأوروبا وإفريقيا والمحيط الهادئ إلى هاوية البؤس. وجلبت الحرب العدوانية التي شنّتها العسكرية اليابانية كارثة هائلة على الشعب الصيني وكثير من شعوب الدول الآسيوية، حيث ارتكب الغزاة جرائم فظيعة وشنيعة نتج عنها أكثر من 35 مليون نسمة من الضحايا والجرحى الصينيين، بما فيها مذبحة نانجين، وأدت الى خسائر اقتصادية مباشرة وغير مباشرة قُدِّرت بأكثر من 600 مليار دولار.

إن التاريخ أفضل كتاب للتعلم، وأفضل دواء للمحافظة على اليقظة الواعية.. نحيي الانتصار من أجل تذكّر الكارثة الهائلة التي سببها العدوان الفاشي وإثارة التمسك بالسلام وحمايته، ولعدم تكرار المأساة. إن الصين واليابان بلدان جاران يفصلهما شريط مائي فقط، وإن الحرب العدوانية التي شنتها اليابان تركت كارثة هائلة للشعب الصيني، وذلك ناتج عن النزعة العسكرية اليابانية، ولم تحمّل الصين حكومة وشعباً الشعبَ الياباني مسؤولية الجريمة الحربية، بل ظلت تسعى إلى تطوير العلاقات الصينية - اليابانية، لكن أي محاولة لتجميل أو حتى إنكار الحرب العدوانية أو تحريف التاريخ، يعد تحدياً للسلام وإيذاءً لمشاعر الشعب الصيني وشعوب الدول الآسيوية الأخرى، فيجب على جميع الشعوب المحبة للسلام أخذ اليقظة والحذر منها.

إحياء الذكرى هو من أجل بناء المستقبل.. يعد انتصار حرب الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، نقطة التحول في تاريخ التنمية البشرية، وإن النظام الدولي المقام على أساسه محور الأمم المتحدة، ضَمِنَ إلى حد كبير السلام والتنمية في العالم للسبعين سنة بعد الحرب، بيد أن العالم اليوم ليس آمناً ومستقراً بأسره. وإن الصين باعتبارها إحدى الدول المؤسِّسة للأمم المتحدة والعضو الدائم في مجلس الأمن، تدعو دائماً إلى رفع روح ميثاق الأمم المتحدة وتلتزم بها جدياً، وتتمسك بطريق التنمية السلمية بكل ثبات. وفي ظل الظروف التاريخية الجديدة، تنادي الصين بضرورة إقامة علاقات دولية جديدة تتمحور حول التعاون والكسب المشترك، وتنفيذاً لهذا طرحت مفهوم الأمن الجديد المتمثل في الاشتراك والشمولية والتعاون والاستدامة، ومفهوم العلاقات الدبلوماسية القائمة على الصداقة والإخلاص والمنفعة المتبادلة والتسامح مع دول الجوار، ومبادرة "الحزام والطريق" ("الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري في القرن ال 21") للتنمية المشتركة... وغيرها، ساعيةً إلى مشاركة العالم في الازدهار وخلق المستقبل.

وأخيراً.. تعد المملكة العربية السعودية واحة للتنمية السلمية ودولة كبيرة ذات وزن في الشرق الأوسط، وإن الصداقة الصينية - السعودية تضرب جذورها في أعماق التاريخ، وتحرص الصين على التضامن مع السعودية وجميع شعوب العالم في تذكر التاريخ وحماية السلام، وتعزيز الثقة المتبادلة وتعميق التعاون، لكي نتكاتف للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وخلق مستقبل أكثر إشراقاً.

http://www.alriyadh.com/1078677

إلى الأصدقاء:   
طباعة الصفحة