中文  English
الصفحة الأولى > معلومات عن السفير > أخبار السفير
التشارك في بناء «الحزام مع الطريق»
2014-04-13 18:14

لي تشينغ وين

السفير الصيني لدى السعودية

قام الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في المملكة العربية السعودية بزيارة رسمية إلى جمهورية الصين الشعبية خلال المدة من 13-16 مارس (آذار) 2014، إذ أعرب الجانبان عن عزمهما رفع مستوى علاقات الصداقة الاستراتيجية الصينية - السعودية في كافة المجالات. وخلال زيارة الأمير سلمان هذه، كان أحد أهم المواضيع هو إنشاء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و«طريق الحرير البحري في القرن الـ21» (المشار إليهما في ما بعد بـ«الحزام مع الطريق»). أعرب الجانب السعودي عن تقديره لهذه المبادرة المطروحة من الجانب الصيني، وأبدى استعداده للتواصل مع الجانب الصيني بما يحقق المصلحة المشتركة.

إن مبادرة التشارك في بناء «الحزام مع الطريق» التي طرحها الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارته لكل من كازاخستان في سبتمبر (أيلول) الماضي وإندونيسيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تعد خطوة مهمة تتخذها الصين من أجل تعميق الإصلاح والانفتاح وخاصة تعزيز الانفتاح نحو غرب الصين. إن «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» الذي يغطي مناطق الصين وغرب آسيا وأوروبا، و«طريق الحرير البحري في القرن الـ21» الذي يمتد من الصين إلى منطقة الخليج مرورا بجنوب شرقي آسيا والمحيط الهندي والبحر العربي، يشكلان حزاما اقتصاديا تعاونيا يحقق المنفعة والكسب للجميع ويتميز بطابع الانفتاح والتشارك.

إن التشارك في بناء «الحزام مع الطريق» يتماشى مع المساعي لتعزيز التعاون الإقليمي الذي يمثل التيار السائد في العصر. سيتم الربط بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا وجنوب شرقي آسيا وغرب آسيا وغيرها من المناطق من خلال بناء «الحزام مع الطريق»، الأمر الذي يعزز التواصل في ما بين هذه المناطق ويمكنها من تكملة بعضها البعض في الاحتياجات واستفادة كل منها من مزايا غيرها، وبالتالي يقيم ويستكمل سلسلة الإمداد والصناعة والمصلحة بين قارتي آسيا وأوروبا، ويرتقي بمستوى التعاون بين الدول المعنية، كما يساعد في تعزيز جهودها في كشف إمكانيات الطلب المحلي لها وللمنطقة، وإيجاد مجالات جديدة للنمو الاقتصادي وتعزيز الدوافع الداخلية لنمو الاقتصاد وصموده أمام المخاطر، بما يحقق الارتقاء والتطور للاقتصاد.

جاء بناء «الحزام مع الطريق» ملبيا لمتطلبات التنمية في الصين ولرغبة الصين في تعزيز التعاون مع الخارج. يغطي «الحزام مع الطريق» المناطق الوسطى والغربية وبعض المقاطعات والمدن الساحلية في الصين، وهذه الاستراتيجية لها علاقة وثيقة باستراتيجيات الصين لتحقيق التنمية الإقليمية والنوع الجديد من عملية التحضر والانفتاح على الخارج، وهو يساهم في توسيع نطاق الانفتاح للمناطق غير الساحلية والمناطق الحدودية والإسراع بوتيرته، بحيث يساعد في تشكيل معادلة جديدة للانفتاح الشامل الأبعاد في الصين. كما يعد بناء «الحزام مع الطريق» نقطة بارزة للدبلوماسية الصينية في العصر الجديد تساهم في توثيق روابط المصلحة وتحقيق التنمية المشتركة للصين ولدول معنية أخرى.

إن مبادرة بناء «الحزام مع الطريق» قوامها ومحورها تعاون اقتصادي يتخذ التواصل الإنساني والثقافي دعامة مهمة له، تلتزم هذه المبادرة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ولا تسعى وراء انتزاع الدور القيادي في الشؤون الإقليمية أو رسم نطاق النفوذ في المنطقة. إن «الحزام مع الطريق» ليس كيانا أو آلية منفردة، بل هو فكرة ومبادرة للتعاون والتنمية تعتمد بشكل أساسي على الآليات الثنائية والمتعددة الأطراف القائمة بين الصين والدول ذات الصلة وتستند إلى أطر التعاون الإقليمية القائمة والفعالة. كما أن «الحزام مع الطريق» مفهوم مفتوح جغرافيا ومكوناتيا، ستلعب دورا مهما فيه الدول على طريقي الحرير البري والبحري القديمين، كما نرحب بالدول الأخرى للمشاركة فيه.

إن المضمون الرئيس لبناء «الحزام مع الطريق» يتمثل في خمس نقاط تبرز التعاون العملي القائم على المشاريع المفصلة، وسيعود بفوائد ملموسة على شعوب الدول ذات الصلة:

(1) «تناسق السياسات». يمكن لمختلف الدول إجراء التواصل بشكل واف حول الاستراتيجيات والسياسات الخاصة بالتنمية الاقتصادية، وتحقيق الالتحام العضوي بين هذه الاستراتيجيات لمختلف الدول على أساس مبدأ «إيجاد قواسم مشتركة وترك الخلافات جانبا»، وتحديد الخطط والإجراءات للتعاون الإقليمي عبر التشاور، بما يعطي «الضوء الأخضر» السياسي والقانوني للاندماج الاقتصادي الإقليمي.

(2) «ترابط الطرقات». إن الصين والدول ذات الصلة بحاجة إلى التباحث الإيجابي في تحسين البنية الأساسية العابرة للحدود في مجال المرور، واتخاذ خطوات تدريجية لتكوين شبكة نقل ومواصلات تربط بين مختلف المناطق في آسيا وتربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، بما يعوض عمليا النقص في المواصلات أو انقطاعها أو عدم انتظامها.

(3) «تواصل التجارة». التباحث في سبل تسهيل التجارة والاستثمار ووضع ترتيبات ملائمة، من شأنها حلحلة الحواجز التجارية والاستثمارية وتنشيط الدورة الاقتصادية الإقليمية وتعزيز سرعتها وجودتها، بما يطلق بشكل كامل القوة الكامنة للدول الواقعة في «الحزام» و«الطريق» في مجالات التجارة والاستثمار، وتوسيع «كعكة التعاون».

(4) «تداول العملات». توسيع نطاق تصفية الحسابات بالعملات المحلية وتبادل العملات، وتعزيز التعاون المالي الثنائي والمتعدد الأطراف، وإنشاء مؤسسات مالية للتنمية الإقليمية، وخفض تكاليف المعاملات، وبالتالي تعزيز القدرة على مواجهة المخاطر المالية من خلال الترتيبات الإقليمية، وتعزيز القدرة التنافسية لاقتصاد المنطقة ككل على الساحة الدولية.

(5) «تفاهم العقليات». إن الصين والدول ذات الصلة بحاجة إلى توطيد القاعدة الشعبية للعلاقات الرسمية، وتفعيل التواصل والحوار بين مختلف الحضارات، وتعزيز التبادل الودي بين شعوب الدول وخاصة على مستوى الفئة الأساسية، بما يعزز الفهم المتبادل والصداقة التقليدية.

إن بناء «الحزام مع الطريق» مشروع متكامل يأخذ وقتا طويلا، ويتطلب خطوات تدريجية توسع التعاون ابتداء من المشاريع البسيطة والجزئية، مرورا بالأمور الصعبة والأكثر تكاملا، وصولا إلى تعاون متكامل يغطي جميع المناطق. وخلال هذه العملية، تحرص الصين على حسن المعاملة بين المسؤولية الأخلاقية والمصالح، وتقديم المسؤولية الأخلاقية على المصالح مع مراعاة المصالح المشروعة، كما تحرص على مساعدة البلدان النامية على الإسراع بعجلة التنمية بكل صدق وإخلاص.

أما بالنسبة إلى العالم العربي، فإنه يقع في نقطة التلاقي بين «الحزام» و«الطريق» في طرفهما الغربي، ويعد شريكا طبيعيا ومهما للصين في بناء «الحزام مع الطريق»، إذ إن التعاون الصيني - العربي في هذا المجال سيساهم في تحقيق الالتحام المطلوب بين الجانبين من حيث الموارد والمزايا المالية وإمكانيات السوق، وكذا تعزيز التدفق الحر والمنتظم والتوزيع الأمثل لعناصر الموارد بين الصين والدول العربية. كما أن التشارك في بناء «الحزام مع الطريق» سيحقق الاندماج الاقتصادي على مستوى أعلى بين العالم العربي وشرق آسيا وجنوب شرقي آسيا.

يمكن للجانبين الصيني والعربي التشارك في بناء «الحزام مع الطريق» عبر قنوات ثنائية مع الاستفادة الكاملة من منتدى التعاون الصيني - العربي، وتركيز الجهود على مجالات التعاون ذات الأولوية مثل التجارة والاستثمار والسكك الحديدية والطرق العامة والموانئ والطيران المدني والاتصالات والطاقة المتجددة والفضاء والمجالات الإنسانية وغيرها.

جدير بالذكر أن إقامة منطقة التجارة الحرة بين الصين والدول العربية سيخدم أيضا بناء «الحزام مع الطريق». في أوائل الشهر الحالي، وافق مجلس وزراء الخارجية لمجلس التعاون الخليجي على استئناف المفاوضات حول منطقة التجارة الحرة مع الدول والمجموعات الأخرى، الأمر الذي يصب قوة دافعة جديدة في هذا الصدد. نأمل أن تحقق مفاوضات منطقة التجارة الحرة الصينية - الخليجية تقدما إيجابيا قريبا.

تكللت زيارة الأمير سلمان ولي العهد السعودي للصين بنجاح كبير، وهناك كثير من الأفكار والخطط نحتاج إلى ترجمتها إلى الواقع بما فيها منطقة التجارة الحرة الصينية - الخليجية و«الحزام مع الطريق». إنني على ثقة بأن هذه المناطق البرية والبحرية ستصبح مناطق السلام والصداقة والازدهار بفضل جهودنا المشتركة، بما يعود على شعوب المنطقة بمنافع كبيرة.

رابط المصدر: http://aawsat.com/node/76366

إلى الأصدقاء:   
طباعة الصفحة